#إيست توداي مصدر الصورة: موقع aawsat
شرم الشيخ 2025 : تتصدر السياحة في قلب البحر الأحمر
شرم الشيخ أيقونة السياحة الدولية في البحر الأحمر ومحور التنمية المستدامة
تتربع مدينة شـرم الشيـخ على عرش الوجهات السياحية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتُعرف بكونها “مدينة السلام” ومركزاً عالمياً للضيافة والاستجمام. جغرافياً، تُعد شـرم الشيـخ مدينة حضرية متكاملة، لكنها تتميز في الوقت ذاته ببيئة بحرية استثنائية غنية بالتنوع البيولوجي الذي يشكل قلب جاذبيتها السياحية. إنها وجهة فريدة تجمع بين رفاهية المنتجعات الحديثة والكنوز الطبيعية النادرة في البحر الأحمر.
#إيست توداي مصدر الصورة: موقع aqaryamasr
مؤشرات الأداء والأسواق الوافدة تحليل اقتصادي للسياحة
قراءة في الأرقام ارتفاع قياسي في نسب الإشغال والنمو السياحي
تعكس المؤشرات الاقتصادية الحالية قوة غير مسبوقة في القطاع السياحي لمدينة شـرم الشيـخ و مصر ككل. تشير البيانات الحديثة إلى وصول نسبة الإشغال السياحي في فنادق شـرم الشيـخ إلى نحو 86% خلال الفترة الحالية. هذا الرقم المرتفع، الذي أكده مسؤولون بجمعية مستثمري السياحة، يدل على تعافٍ قوي وطلب متزايد على الوجهة، مما يضع المدينة في قلب موسم سياحي مزدهر.
على المستوى الوطني، تظهر السياحة المصرية نمواً قياسياً. فقد كشفت الإحصائيات أن عدد السائحين الذين زاروا مصر خلال النصف الأول من عام 2025 بلغ نحو 8.7 مليون سائح. هذا يمثل نمواً يتراوح بين 22% إلى 23% مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. تعكس المؤشرات الحالية توقعات قوية بتحقيق رقم قياسي غير مسبوق في تاريخ السياحة المصرية، يصل إلى نحو 18 مليون سائح بحلول نهاية عام 2025. إن هذه الأرقام تؤكد مكانة شـرم الشيـخ كقاطرة لهذا النمو المستدام.
تحليل الأسواق المصدرة تنوع الجنسيات ومفتاح المرونة
تعتبر حركة الطيران الوافدة إلى شـرم الشيـخ مؤشراً واضحاً على نجاح استراتيجيات تنويع الأسواق السياحية. يتصدر السياح الروس حركة الطيران القادمة إلى المدينة، يليهم السياح من الجنسية الإيطالية والكازاخستانية. هذا الترتيب لا يقتصر على هذه الجنسيات فحسب، بل يشمل أيضاً تنوعاً ملحوظاً من أسواق أخرى مثل البولنديين والرومانيين والأتراك والبيلاروسيين والمملكة المتحدة.
بالإضافة إلى حركة الطيران الكثيفة، تستقبل شـرم الشيـخ وفوداً سياحية قادمة براً من عرب 48 (عبر المعبر) ومن لبنان والسعودية. هذا التنوع الكبير في الأسواق الوافدة يمثل عاملاً حاسماً في مرونة السوق السياحي للمدينة. إن الاعتماد على عدة أسواق مصدرة يقلل من مخاطر التأثر بتقلبات أو أزمات سوق مصدر واحد، وهو ما يعزز الاستدامة الاقتصادية والاستقرار الاستراتيجي للمدينة على المدى الطويل، مما يجعلها وجهة استثمارية أقل تقلباً. إن تحقيق نسبة إشغال عالية بالتزامن مع تنويع قوي للجنسيات (بما في ذلك صعود أسواق جديدة مثل الكازاخستانيين، إلى جانب الوفود الإقليمية البرية) يدل على تحول ناجح بعيداً عن الاعتماد الأوروبي التقليدي، مما يعزز قدرة شـرم الشيـخ على مواجهة التحديات العالمية.
لمحة إحصائية عن الأداء السياحي في شـرم الشيـخ (2025)
#إيست توداي مصدر الصورة: موقع hotelscombined
جنة سيناء البيئية محطة رأس محمد الوطنية
محمية رأس محمد التنوع البيولوجي والقصص الروحية
تُلقب محمية رأس محمد بـ”جنة الله على الأرض”، وهي تقع على بُعد 12 كم فقط من شرم الشيخ. تُعد المحمية من أجمل بقاع سيناء على الإطلاق، حيث تتميز بتنوعها البيئي الفريد الذي يجذب الغواصين ومحبي الطبيعة من جميع أنحاء العالم. يشمل التراث الجيولوجي للمحمية حفريات يُقدر عمرها بأكثر من 75 مليون عام. كما أن شواطئها المرجانية غنية بالأحياء المائية النادرة، حيث تضم حوالي 150 نوعاً من الشعاب المرجانية، بالإضافة إلى كائنات بحرية مثل الأسماك الملونة والسلاحف البحرية المهددة بالانقراض.
لا يقتصر التنوع البيولوجي في رأس محمد على البيئة البحرية، بل يمتد ليشمل الحياة البرية والطيور، إذ تُشاهد فيها الصقور والبلشونات، وبعض الثدييات مثل الثعالب والضباع والغزلان. بالإضافة إلى البعد البيئي، تُضفي القصص الروحية والاعتقادات المحلية بُعداً خاصاً على المحمية، حيث يُعتقد أنها الموقع الذي شهد قصة لقاء النبي موسى بالخضر، نظراً لالتقاء مياه خليجي السويس والعقبة في هذا المكان تحديداً.
عالم الغوص والغطس استكشاف أعماق “حديقة الله”
يُعد الغوص والغطس في محمية رأس محمد المنتج السياحي التنافسي الأول لشرم الشيخ. تُقدم المنطقة خيارات متعددة للغواصين من جميع المستويات، بدءاً من جولات نصف اليوم وصولاً إلى المغامرات البحرية ليوم كامل. تتضمن جولة اليوم الكامل عادةً غطستين في مواقع مختلفة، تتراوح مدة الواحدة بين 30 و 45 دقيقة للغواصين المعتمدين، و 15 دقيقة للغوص التمهيدي للمبتدئين. وتتميز الشعاب المرجانية، خاصة في منطقة تُعرف بـ”شعاب حديقة الله”، بكونها موطناً لأكثر من ألف نوع مختلف من الأسماك الاستوائية الملونة، حيث تكون المياه صافية ودافئة بشكل استثنائي.
تتضمن هذه الجولات البحرية توقفاً حيوياً عند الجزيرة البيضاء، التي تُعرف أيضاً بـ”الجزيرة المسحورة”. تتميز هذه الضفة الرملية برمالها المتلألئة ومياهها النقية، وتُعرف بخصائصها العلاجية بفضل نسبة المعادن والأملاح. ما يضيف إلى سحرها هو ظاهرة اختفائها عند حلول الظلام وظهورها مجدداً في الصباح، وتسمية البدو لها بـ”جزيرة التمني”.
المسارات البرية والمواقع الجيولوجية النادرة
للسائح الباحث عن المغامرة البرية، توفر شرم الشيخ جولات نصف يوم بالحافلة المصحوبة بمرشد لاستكشاف العجائب الجيولوجية داخل محمية رأس محمد. من أبرز هذه المعالم:
بوابة الله (Gate of Allah) موقع شهير لا يمكن تفويته لالتقاط الصور التذكارية المميزة، وهو أحد أكثر المعالم شهرة في المحمية.
شق الزلزال (Earth Crack) شق جيولوجي هائل تشكل أثناء زلزال وقع منذ آلاف السنين.
بحيرة ماجيك (Magic Lake) وهي بحيرة مياه مالحة جميلة تشكلت من رمال البحر الأحمر، وتقع بجوار شق الزلزال، ويزعم السكان المحليون أنها تتمتع بخصائص سحرية، وهي متاحة للسباحة.
غابات المانجروف تشمل الجولة زيارة إلى منطقة المانجروف، وهو الموقع الوحيد في نصف الكرة الشمالي حيث تنمو هذه الأشجار في المياه المالحة، مما يسلط الضوء على ندرة هذا النظام البيئي.
إن استخدام مصطلحات ذات عمق قصصي مثل “جنة الله على الأرض” و”الجزيرة المسحورة” يضفي قيمة عاطفية وتسويقية عالية للوجهات. من خلال تسليط الضوء على هذه الروايات الفريدة والظواهر الجيولوجية، تنجح شرم الشيخ في تمييز نفسها عن المنتجعات الشاطئية العامة في البحر الأحمر، وتجذب السائح الباحث عن تجربة متعمقة، مما يدعم نموذج السياحة القائم على التجارب الراقية. كما يضمن تكامل خيارات المغامرة البرية (جولات الحافلة) مع خيارات الغوص البحرية يضمن تلبية تفضيلات كافة شرائح السياح.
قلب المدينة النابض المراكز الحضرية والترفيهية
خليج نعمة المركز الحيوي للضيافة الفاخرة
يُعتبر خليـج نـعمة المركز العصبي والحضري لشـرم الشيـخ وواحداً من أبرز الوجهات السياحية على مستوى مصر. يجمع الخليج ببراعة بين الشواطئ الرملية الساحرة والمياه الزرقاء الصافية. إنه مركز حيوي للأنشطة المائية والترفيهية، حيث يستقطب السياح للاستمتاع بالغوص، ركوب الأمواج، والإبحار. كما يتميز خليـج نـعمة ببنيته التحتية الفاخرة، حيث يضم مجموعة كبيرة ومتنوعة من الفنادق والمنتجعات الراقية التي تقدم خدمات متكاملة. إضافة إلى ذلك، تنتشر فيه العديد من المطاعم والمقاهي التي توفر خيارات طعام عالمية ومحلية متنوعة، مما يجعله وجهة مثالية للعائلات والأفراد الباحثين عن تجربة سياحية متكاملة تجمع بين الترفيه والاسترخاء.
السوق القديم ومسجد الصحابة التجربة الثقافية التراثية
في المقابل، يوفر السوق القديم في شـرم الشيـخ، المعروف بالمدينة القديمة، تجربة ثقافية وتراثية مختلفة تماماً. يُعد هذا السوق مركزاً تجارياً حيوياً تنبعث منه روائح التوابل والمسك، حيث تنتشر محلات العطارة ومستحضرات التجميل. يُوصى بزيارة السوق في المساء تحديداً، حيث يكون أكثر نشاطاً وازدحاماً، ويوفر للزوار فرصة الاستمتاع بعروض الرقص الحي وفقرات الألعاب السحرية والمقاهي المفتوحة.
من المعالم البارزة والمهمة القريبة من السوق القديم هو مسجد الصحابة، الذي يتميز بتصميمه المعماري ومساحته الكبيرة، حيث يستوعب 3000 مصلٍ ويبلغ ارتفاعه 36 متراً. إن التنوع بين فخامة خليـج نـعمة (الحديث والراقي) والتراث الشعبي للسوق القديم (التقليدي والثقافي) يعكس تكاملاً في المنتج السياحي للمدينة، مما يجذب شرائح واسعة من السياح تتراوح بين الباحث عن الرفاهية إلى المهتم بالعمق الثقافي والتراثي، وهذا التوازن ضروري لضمان استمرارية السوق على المدى الطويل.
وجهات ترفيهية متخصصة ورحلات السفاري
تتوسع الخيارات الترفيهية في شـرم الشيـخ لتشمل مناطق ترفيهية متخصصة مثل “هوليوود شـرم الشيـخ” ، بالإضافة إلى المغامرات البرية في الصحراء. يستطيع السائح الاستمتاع برحلات “سفاري شـرم الشيـخ” واستكشاف “الوادي الملون”، الذي يوفر مناظر طبيعية جيولوجية خلابة. كما يمكن للزوار الباحثين عن الهدوء والاستجمام التوجه إلى شواطئ متخصصة مثل شاطئ رأس أم السيد وشاطئ تراسينا.
#إيست توداي مصدر الصورة: موقع tripadvisor
الأبعاد الروحية والتراثية جبل سيناء ودير سانت كاترين
تتميز شـرم الشيـخ بميزة تنافسية فريدة لا تملكها العديد من الوجهات الشاطئية الأخرى في المنطقة، وهي القرب من محور السياحة التاريخية. يقع جبل سيـناء (المعروف أيضاً بجبل موسى) على مقربة نسبية، وهو موقع ذو أهمية كبرى للشرائع السماوية الثلاث، حيث يُعتقد أنه المكان الذي تلقى فيه النبي موسى الوصايا العشر.
إلى جانب جبل سيـناء، يمثل دير سانـت كاتريـن، الذي يُعد أقدم دير نصراني يعمل باستمرار في العالم، نقطة جذب سياحي رئيسية. إن قرب شـرم الشيـخ من هذه المواقع يضيف بعداً روحياً وتاريخياً غنياً للمنتج السياحي الشاطئي، مما يوسع نطاق جاذبيتها. فالسائح الذي يأتي للاستجمام يمكنه بسهولة إضافة رحلة يوم واحد لاستكشاف المسارات التاريخية في سانـت كاتريـن. هذا الربط بين السياحة البحرية وسياحة التراث يضع شـرم الشيـخ كوجهة شمولية في الشرق الأوسط، قادرة على استقطاب شرائح سياحية متخصصة مثل سياحة الحج والاستكشاف التاريخي.
الاستدامة والتحديات المستقبلية الحفاظ على قلب شرم الشيخ البيولوجي
التزام شرم الشيخ البيئي ومبادرات الحفاظ على التنوع
على الرغم من كون شرم الشيخ مدينة حضرية بالكامل، فإن استدامتها الاقتصادية تعتمد بشكل مطلق على الحفاظ على بيئتها البحرية الغنية بالتنوع البيولوجي، خاصة في محمية رأس محمد. التحدي الرئيسي يكمن في إدارة النمو السياحي المرتفع (الذي وصل إلى 86% إشغال) في بيئة حضرية، دون الإضرار بالمصدر الأساسي للجذب السياحي.
التحديات البيئية المستقبلية واستراتيجيات التخفيف
بالنظر إلى النمو السريع في أعداد الزوار، تتزايد الضغوط على البنية التحتية والأنظمة البيئية الحساسة. لذا، تتطلب التنمية المستدامة في شرم الشيخ إجراءات صارمة لضمان حماية التنوع البيولوجي البحري. تشمل هذه الإجراءات ضرورة إعداد سجلات ومراقبة الأداء البيئي والاجتماعي للمشاريع بشكل مستمر، بالإضافة إلى تتبع حالات عدم الامتثال (Monitoring and Non-compliance Tracking).
تعد حماية الشعاب المرجانية، التي تضم حوالي 150 نوعاً ، أمراً حيوياً، خاصة وأن سياحة الغوص هي المنتج الرئيسي للمدينة. يجب التعامل بجدية مع التهديدات المزدوجة المتمثلة في النشاط البشري المكثف والتغيرات المناخية. إن الإشارة المحددة إلى ضرورة مراقبة جودة المياه تدل على أن التدهور البيئي هو تهديد معترف به، ويجب إدارته بفعالية للحفاظ على ميزة شرم الشيخ التنافسية الأساسية: منتج الغوص والغطس عالي الجودة.
#إيست توداي مصدر الصورة: موقع swissotel