مصدر الصورة: موقع pexels
تركيا تودّع نظام الودائع المحمية وتحوّل بوصلتها نحو الاقتصاد التقليدي
أعلنت تركيـا رسميًا عن قرار مصيري ينهي العمل بنظام الودائـع المحـمية من تقلبات سعر الصرف KKM، وهو ما يمثل نقطة تحول حاسمة في سياساتها الاقتصادية. هذا القرار، الذي جاء بقرار من البنك المركزي التركي، يؤكد عودة أنقرة إلى الأساليب النقدية التقليدية، بعد سنوات من المعالجات الاستثنائية التي هدفت لكبح جماح تدهور الليرة التركية.
ما هو نظام الودائع المحمية ولماذا تم إطلاقه في تركيا ؟
نظام الودائـع المحـمية KKM هو آليـة ماليـة أُطلقت في أواخر عام 2021 بهدف حماية مدخرات المواطنين من التقلبات الحادة في سعر صرف الليرة مقابل العملات الأجنبية. كان الهدف الأساسي هو طمأنة المدخرين وحثّهم على الاحتفاظ بأموالهم بالليرة بدلاً من تحويلها إلى الدولار أو اليورو، بعد أن شهدت الليرة انخفاضات قياسية.
البيانات تظهر حجم الأزمة التي استدعت هذا الإجراء:
2021 فقدت الليرة نحو 44% من قيمتها.
2022 تراجعت بنسبة 29%.
2023 هبوط بنسبة 37%.
2024 خسارة بقيمة 16%.
القرار الجديد نهاية مرحلة اقتصادية و تفعيل آلية مالية جديدة
وفقًا للبيان الصادر عن البنك المركزي التركي، تم اتخاذ قرار بوقف فتح أو تجديد الحسابات ضمن نظام KKM اعتبارًا من تاريخ 23 أغسطس. ومع ذلك، ستظل الحسابات الحالية سارية المفعول حتى تاريخ استحقاقها. هذه الخطوة تمهد الطريق لمراجعة شاملة للوائح والعمولات المرتبطة بهذا النظام.
الودائع والتكلفة أرقام صادمة
على الرغم من أن نظام KKM نجح مؤقتًا في كبح الضغط على الليرة، إلا أن له تكلفة اقتصادية باهظة. فقد بلغت تكلفته الإجمالية نحو 60 مليار دولار، وهو ما يمثل عبئًا كبيرًا على الخزانة العامة للدولة.
كما شهدت الودائع المشمولة بهذا النـظام تراجعًا ملحوظًا. فبعد أن وصلت إلى ذروتها بقيمة 140 مليار دولار، انخفضت بشكل حاد لتصل إلى 11 مليار دولار فقط بنهاية شهر يوليو الماضي. هذا التراجع يشير إلى تزايد عدم ثقة المدخرين في النظام، أو ربما تحوّلهم إلى بدائل أخرى.
تحليل القرار وأهدافه المستقبلية
يعكس هذا القرار تحولًا جذريًا في نهج السلطات الاقتصادية التركية، خاصة بعد تغيير قيادة البنك المركزي. إنهاء نـظام الودائـع المحـمية هو جزء من خطة أوسع تهدف إلى:
تطبيع السياسات النقدية العودة إلى السياسات التقليدية مثل رفع أسعار الفائدة كأداة رئيسية للسيطرة على التضخم، بدلاً من الإجراءات الاستثنائية.
إعادة الثقة بالليرة إظهار أن الاقتصاد التركي لم يعد بحاجة إلى “الوسائد” المالية، وأن سياساته الجديدة قادرة على استعادة قيمة العملة.
تخفيف الأعباء المالية إنهاء نظام KKM سيخفف من الأعباء المالية الهائلة التي كانت تتحملها الحكومة والبنك المركزي لتغطية فروقات سعر الصرف.
تركيـا تودّع حقبة من السياسات الاقتصادية غير التقليدية وتتجه نحو المسار الاقتصادي العالمي المألوف. قرار إنهاء نظام الودائع المحمية يُعد بمثابة رسالة واضحة للأسواق العالمية والمحلية بأن أنقرة عازمة على استعادة الاستقرار والثقة في عملتها الوطنية.
مصدر الصورة: موقع pexels